الجمعة، 4 أبريل 2008

الزواج في القرن 21


صباح الخير أيها القاريء الكريم. لا تتعجب عندما تعرف أنني أكتب هذه الكلمات
عند الساعة التاسعة مساءً ومع ذلك استعمل عبارة صباح الخير. فالكثير من الأمور
من حولنا أصبحت تسير عكس العقل والمنطق وفقدنا القدرة على الإحساس والتعجب
منها, فلماذا سنختلف على هذا الأمر البسيط؟ هل هناك مشكلة في أن نقول صباح
الخير بالليل ومساء الخير في الصباح؟ مهلاً مهلاً, لا تظن أنني جننت ولكنني
حائر فعلاً, فكل ما حولي يسير عكس المنطق حتى أبسط العلاقات الإنسانية..
الزواج.


لاتعد للتعجب أرجوك, فأنا جاد هذه المرة في استعمال كلمة أبسط لوصف علاقة
الزواج, فهذه هي الحقيقة, ولكننا مع دخول القرن الحادي والعشرين حولناه إلى
معادلات كيميائية صعبة أصبحت تستعصي حتى على الخبراء والعلماء.

دعنا نفكر قليلاً بهدوء وسترى أنني على حق. اسأل نفسك لماذا نتزوج؟ دعك من
العبارات التقليدية مثل (من أجل أن نستقر, هذه سنة الحياة, لنكون أسرة, لنتوج
علاقة الحب, لتلبية الغريزة الفطرية ... إلخ) حاول أن تكون أعمق قليلاُ في
تفكيرك. توقف قليلاً عن القراءة وحاول أن تجيب على هذا السؤال لماذا نتزوج؟

هل بدأت بحك مؤخرة رأسك من الحيرة, لا بأس دعني أساعدك, قل لي ماذا نستفيد من
الزواج؟ وما الذي يحدث لو لم تتزوج؟ لن تتمكن من قضاء حاجتك الفطرية بالحلال,
لن تنجب أولاد,... إلخ معك حق كل هذه الأمور متضمنة ومن الأهداف المهمة للزواج
ولكن ما يزال هناك هدف رئيسي هو السبب الأول للزواج.


دعني أساعدك أكثر, متى خلق الله حواء؟ خلقها حين استشعر آدم عليه السلام
الوحدة وأحس بحاجته للأنيس. هنا كان الفضل الإلهي عليه بخلق حواء من ضلعه, كي
تكون من نفسه ونوعه, تؤانسه ويؤانسها. وعندما استيقظ عليه السلام فوجدها بجواره
لأول مرة هل كانت هناك تعقيدات وإجرءات كي يتم التحاور والأنس والألفة بينهما.
أبداً كان الأمر بسيطاً وسريعاً جداً.

هل أدركت ما أرمي إليه أم أن الأمر ما زال يكتنفه الغموض. دعني أكون أوضح, إن
الهدف الرئيسي الذي شرع الله من أجله علاقة الزواج هو تلبية الفطرة التي فطر
الناس عليها من الحاجة للاستئناس بالجنس الآخر, ووضع هذه الفطرة ضمن إطار متين
يسهل تكوينه ويضمن في نفس الوقت أن تسير الحياة في نظام بعيداً عن الفوضى.
ومادام الأمر كذلك فمن الطبيعي أن تكون علاقة الزواج واحدة من أسهل العلاقات
منالاً وأبسطها تكويناً.


إن الزواج لا يحتاج إلى استعدادات حربية خاصة نبدأ بالإعداد لها قبل الزواج
بسنوات. إنه يحتاج فقط أن تكون أنت موجود وهي موجودة وبينكما الألفة بكل ما
تشمله من حب ومودة وإخلاص, ثم عقد العزم على الارتباط وإعلام الناس بذلك حفاظاً
على النظام. كل ما عدا ذلك ليس شرطاً لإقامة علاقة الزواج. فمتى وجدت النية
والعزم لدى كلا الطرفين وأعلم الناس بهذه النية كما شرع الله أصبح الزواج
واقعاً. أرأيت كم هو بسيط أمر الزواج. تعال الآن نهبط سريعاً إلى أرض الواقع
قبل أن يتهمنا الناس بالجنون لنرى كيف أصبحت معادلة الزواج من أصعب المعادلات
حلاً في القرن الواحد والعشرين.



هتصرف عليها منين؟ أول سؤال يسألك إياه أهل العروسة؟ إن لم يكن لديك مصدر ثابت
للدخل فهذا يعني أنك لم تستكمل صفات الرجولة ولست مؤهلاً للزواج. وكأنك قبل
الزواج كنت شحاذاً جائعا ً!!!! ألم تكن تعيش كما يعيش الناس تأكل وتشرب وتلبس
من رزق الله. ولكن لا لابد أن يكون لديك مصدر ثابت للدخل ضماناً لمستقبل
ابنتنا. وكأن الذي أعطاك هذا الرزق غير قادر على أن ينزعه منك بعد الزواج. أو
وكأنك قبل الزواج كان الله يرزقك وبعد الزواج لابد أن تكون أنت رازق نفسك
وزوجتك وأبنائك. لا يهم ما الذي تفعله لتوفر هذا المصدر, لا يهم إن كنت تقوم
بما يفيد في الحياة أم أنك مجرد دمية تتحرك وتقوم بأي عمل كي تكسب الرزق. ولكن
إياك أن يكون عملك غير
مدر للمال حتى ولو كان أعظم وأنبل المهن, ولكن المهم أنك تؤدي فعلاُ يقيمه
الناس بالمال. تهانيّ الحارة الآن أصبحت رجلاً.


هتسكنها فين؟ المجهول الثاني في المعادلة الصعبة, ربما كنت تفترش الأرض وتلتحف
السماء قبل الزواج!!!. لن أتحدث عن المهر والشبكة والفرح والمهازل التي نراها
ونسمع عنها كل يوم في هذا الشأن فبالتأكيد لديك علم عنها أكثر مني. ولكني
سأحاول الوصول إلى الخلاصة قبل أن تمل من قراءة كلماتي.


ما قيمة الزوجة إذا كنت سأتعب وأقضي أفضل سنوات حياتي وشبابي وأنا أسعى كي أؤمن
متطلبات الزواج. ما قيمتها إن لم تكن معك على الفرح والحزن, والفقر والغنى,
والجوع والشبع. لا تقل لي أنني الرجل ومسؤول عنها. مسؤليتك تتلخص في أمرين إن
لم تقبلهما منك المرأة فلا حاجة لك بها. مسؤوليتك تتلخص في أن لا تبخل عليها
حين يكون معك المال, وأن لا تأكل أنت حتى تشبع هي حين لا تملكه. هذه مسؤوليتك
نحوها كرجل. أما أن تقضي سنوات شبابك تدبر وتخطط للحدث العظيم وأنت تقضي لياليك
وحيداً تحلم بذلك اليوم الذي تجد فيه الأنيس فاسمح لي هذه حماقة, ولكني لا
ألومك وحدك عليها, ففي الغالب أنك مضطر للتحامق لأنك لم تجد عقلاء من حولك, فإن
كانت هذه حالك فليس لك إلا الصبر والدعاء ولكن إياك أن تؤمن بهذه الحماقة,
فالإنكار بالقلب هو أضعف الإيمان.

هل تريد البرهان على كلامي, أنظر حولك لماذا تفشت العلاقات غير المشروعة بين
الشباب والبنات هذه الأيام, إنهم في الحقيقة يمارسون نوعاً من الزواج المؤقت
حتى وإن لم يأخذ هذه التسمية, وحتى إن لم تكن هناك ممارسات كاملة لأفعال
الزواج. إنهم يتزوجون زواجاً مؤقتاً مشوهاً ينقصه حيناً الاستقرار وحيناً
الاحترام وحيناً حين يتصف الطرفين بالصفاء والطهارة تنقصه ممارسة غريزة الحب
وحيناً ..وحيناً.. ولكنهم في الحقيقة يمارسون أساس الزواج وهو الاستئناس بالجنس
الآخر. لا تلمهم وحدهم, فهم ضحايا لحماقتهم وحماقة الآخرين.
منقول

ليست هناك تعليقات: