فتحتُ المظروف الوردي الفاخر وسحبت من داخله بطاقة مذهبة مكتوبة بخط أنيق
تتشرف الهيئة العامة للكتاب بدعوتكم لإلقاء محاضرة حول موضوع الاتجاهات الإبداعية فى القصة الحديثة وذلك من خلال مناقشة قصتين حديثتين
قصة: الصراع.. للكاتب: بليغ صادق المحبوك
قصة: حبيبتي في الشباك بقميص النوم أبو نص كم وشرابها الصوف البني مبلول بماء المطر المتنوح.. للكاتب: عجران التفاهنى
فركت عينى لأتأكد من اسم القصة الثانية!! ما هذا !! هل هذا عنوان قصة
قطع صوت رنين الهاتف حبل أفكاري فرفعت السماعة
أنا: ألوو
المتصل: ألوو.. د.أديب؟
أنا: نعم معك
المتصل: أنا د.عباس أبو مصلحه رئيس الهيئة العامة للكتاب
أنا: اهلا وسهلا
د.عباس: هل وصلتك الدعوة؟
أنا: نعم ولكن ما هذا العنوان؟ ما معنى المطر المتنوح؟
د.عباس: ههههههه.. سأرسل لك نسخة من القصة الأولى عشر نسخ من القصة الثانية
أنا: ولماذا عشرة نسخ؟
د.عباس: ههههههه.. ستعرف بنفسك وسأتصل بك بعد يومين للنقاش حول القصتين
*******
فى المساء كنت جالسا في غرفتي مستغرقا فى قراءة قصة: الصراع.. كانت القصة رائعة بكل المقاييس لدرجة تجعل القارئ يلتهم سطورها التهاما، فأسلوبها بسيط يصل للمتلقي بنعومة و سلاسة و يجعله يعيش داخل الأحداث الشديدة الحبكة معزولا عن كل ما حوله
في اليوم التالي بدأت في قراءة القصة الثانية ولم أكمل صفحتين حتى قفز إلى ذهني سؤال
من الجاهل الذي كتب هذه التخاريف ومن الغبي الذي قام بنشرها ومن المجنون الذي يريدني أن أناقشها في ندوة أدبية؟
تابعت القراءة حتى وصلت للصفحة الثالثة وفجأة فقدت السيطرة على أعصابي تماما وأخذت أمزق الصفحات التخريفية لاعنا هيئة الكتاب ورئيسها
*******
في اليوم التالي تصل بي د.عباس
السلام عليكم كيف حالك يا دكتور.. هل قرأت القصتين؟ -
أنا: قرأت قصة الصراع وهي رائعة وتبشر بمولد اسم كبير في عالم القصة
قال: وقصة حبيبتي في الشباك بقميص النوم أبو نص كم وشرابها الصوف البني مبلول بماء المطر المتنوح؟
قلت: وهل تسمي هذه قصة إنها أشبه بتخاريف شخص تحت تأثير المخدر؟
قال ضاحكاً: هههههه.. أنا أعرف ذلك وأنا شخصيا حاولت قراءتها ولكني مزقت سبع نسخ منها ولم أتجاوز الصفحة العشرين
قلت بذهول: أنت أيضا!!! ولماذا إذا تضعها للمناقشة في الندوة؟
قال: يادكتور أرجو أن تفهمني، عجران هو ابن أخت وزير الثقافة وهو أيضا يكره الكاتب الأخر بليغ لأنهما كانا زميلان في الثانوية وكان بليغ متفوقا جدا بينما عجز عجران عن النجاح تماما.. لهذا طلب منى سيادة الوزير عقد هذه الندوة والدعاية لقصة عجران والتأكيد على أنها أفضل من قصة بليغ
قلت: ولكن كيف؟ لن يصدق أحد هذا
قال: اسمعني يا دكتور، لقد رشحت اسمك أمام الوزير لهذه المهمة، وهناك منصب المستشار الأول للشئون الثقافية بانتظارك إذا نجحنا
*******
فشلت تماما فى إتمام قراءة قصة حبيبتي في الشباك بقميص النوم أبو نص كم وشرابها الصوف البني مبلول بماء المطر المتنوح.. حيث مزقت النسخة العاشرة قبل أن أصل إلى الصفحة الثامنة
حسنا لا توجد مشكلة فهذا يعني أنه لا أحد يستطيع قراءة القصة وهذه نقطة جيدة
*******
في اليوم الموعود كانت القاعة مزدحمة بالحضور ومعظمهم من مدعى التعمق في الثقافة والأدب حيث يحرصون أشد الحرص على حضور هذه الندوات التي لا يفقهون خلالها شيئا مما يقال ولكنهم يحضرونها للتفاخر بأنهم من رواد الندوات الأدبية
في الصف الأول جلس وزير الثقافة ورئيس هيئة الكتاب كما جلس عجران في أقصى اليسار بينما جلس بليغ فى أقصى اليمين
بدأت محاضرتي حريصا على أن يكون صوتى عميقا بطيئا مع الضغط على ما تعمدت أن أملأ به المحاضرة من التراكيب اللغوية الغريبة والتي تلقى في روع الجهلة أنها من مفرزات الثقافة الرفيعة المستوى قائلا: إن القراءة الهدلاقة لهاتين الروايتين تضع أمامنا حقائق ترجرجية لا تخطئها عين المثقف المتفيهق السمياق
نظرتُ بطرف عيني إلى الحضور فوجدت معظمهم يهز رأسه مؤكدا على صحة الكلام الذي لا اعرف أنا شخصيا معناه
تابعتُ قائلا: ولكن للأسف فقصة الصراع تفتقد تماما للتلاقح الاحداثى بين الماضي والحاضر.. والغريب أن الكاتب لم ينتبه أن نقص التلاقح يقتضى بالتبعية زيادة جرعة التناطح النفسى للعناصر المتخذلمة للقصة، بينما نجد أن قصة حبيبتي في الشباك بقميص النوم أبو نص كم وشرابها الصوف البني مبلول بماء المطر المتنوح.. تظهر التحكم الكامل للكاتب فى هاتين الأداتين الأساسيتين
رفعت عيني إلى الحضور لأجد ابتسامة بلهاء غبية على وجه عجران وقد سال لعابه على قميصه، بينما هب بليغ من مقعده صائحا: أنا لم أسمع فى حياتى عن التناطح والتلاقح الاّ بين المواشي
صحت بغضب: ماذا؟ إن اتجاهات التلاقح والتناطح قد سادت القصة الحديثة منذ ظهرت فى كتابات الكاتب البورتوريكى الشهير مزيافارونامي.. وأيضا الكاتب البنجلاديشي كورداميانو وكل الأدباء التايونيين.. وهذه القصص لا تترجم إلى العربية للأسف لكنني واثق من أن معظم الحضور من المتابعين لقصص هؤلاء الكتاب ويعلمون جيدا أهمية التناطح والتلاقح
ارتفعت الأصوات مؤكدة صدق كلامي
*******
أسقط فى يد بليغ ولكنه قال بيأس: وهل قصة حبيبتي في الشباك بقميص النوم أبو نص كم وشرابها الصوف البني مبلول بماء المطر المتنوح تحتوي على التناطح والتلاقح؟
قلت: بالطبع.. التناطح يظهر فى ارتداء الحبيبة للجورب رغم أنها ترتدي قميص بنص كم.. لقد أبدع الكاتب هنا وترك الأسئلة تنطح القارئ حول السبب فى ارتداء الحبيبة شراب صوف بنى مع قميص النوم أبو نص كم، كما أن هذا يبين لنا عمق الصراع الديماجومى الذي تعيشه الحبيبة.. أما التلاقح فيظهر عندما تكون الحبيبة واقفة داخل بيتها ورغم ذلك شرابها مبلول مثل شراب حبيبها تماما.. فتلاقح الشرابات نتج من شدة التلاقح الروحي بين الحبيبين
صفق الوزير وتبعه الحضور بحرارة
غادرت القاعة وركبت سيارتي وقبل أن أنطلق لمحت بليغ مستندا إلى جدار القاعة والدموع في عينيه
أشحت بوجهي خجلا وتمتمت: أعذرني يا بليغ فالرياء أكسير البقاء
تتشرف الهيئة العامة للكتاب بدعوتكم لإلقاء محاضرة حول موضوع الاتجاهات الإبداعية فى القصة الحديثة وذلك من خلال مناقشة قصتين حديثتين
قصة: الصراع.. للكاتب: بليغ صادق المحبوك
قصة: حبيبتي في الشباك بقميص النوم أبو نص كم وشرابها الصوف البني مبلول بماء المطر المتنوح.. للكاتب: عجران التفاهنى
فركت عينى لأتأكد من اسم القصة الثانية!! ما هذا !! هل هذا عنوان قصة
قطع صوت رنين الهاتف حبل أفكاري فرفعت السماعة
أنا: ألوو
المتصل: ألوو.. د.أديب؟
أنا: نعم معك
المتصل: أنا د.عباس أبو مصلحه رئيس الهيئة العامة للكتاب
أنا: اهلا وسهلا
د.عباس: هل وصلتك الدعوة؟
أنا: نعم ولكن ما هذا العنوان؟ ما معنى المطر المتنوح؟
د.عباس: ههههههه.. سأرسل لك نسخة من القصة الأولى عشر نسخ من القصة الثانية
أنا: ولماذا عشرة نسخ؟
د.عباس: ههههههه.. ستعرف بنفسك وسأتصل بك بعد يومين للنقاش حول القصتين
*******
فى المساء كنت جالسا في غرفتي مستغرقا فى قراءة قصة: الصراع.. كانت القصة رائعة بكل المقاييس لدرجة تجعل القارئ يلتهم سطورها التهاما، فأسلوبها بسيط يصل للمتلقي بنعومة و سلاسة و يجعله يعيش داخل الأحداث الشديدة الحبكة معزولا عن كل ما حوله
في اليوم التالي بدأت في قراءة القصة الثانية ولم أكمل صفحتين حتى قفز إلى ذهني سؤال
من الجاهل الذي كتب هذه التخاريف ومن الغبي الذي قام بنشرها ومن المجنون الذي يريدني أن أناقشها في ندوة أدبية؟
تابعت القراءة حتى وصلت للصفحة الثالثة وفجأة فقدت السيطرة على أعصابي تماما وأخذت أمزق الصفحات التخريفية لاعنا هيئة الكتاب ورئيسها
*******
في اليوم التالي تصل بي د.عباس
السلام عليكم كيف حالك يا دكتور.. هل قرأت القصتين؟ -
أنا: قرأت قصة الصراع وهي رائعة وتبشر بمولد اسم كبير في عالم القصة
قال: وقصة حبيبتي في الشباك بقميص النوم أبو نص كم وشرابها الصوف البني مبلول بماء المطر المتنوح؟
قلت: وهل تسمي هذه قصة إنها أشبه بتخاريف شخص تحت تأثير المخدر؟
قال ضاحكاً: هههههه.. أنا أعرف ذلك وأنا شخصيا حاولت قراءتها ولكني مزقت سبع نسخ منها ولم أتجاوز الصفحة العشرين
قلت بذهول: أنت أيضا!!! ولماذا إذا تضعها للمناقشة في الندوة؟
قال: يادكتور أرجو أن تفهمني، عجران هو ابن أخت وزير الثقافة وهو أيضا يكره الكاتب الأخر بليغ لأنهما كانا زميلان في الثانوية وكان بليغ متفوقا جدا بينما عجز عجران عن النجاح تماما.. لهذا طلب منى سيادة الوزير عقد هذه الندوة والدعاية لقصة عجران والتأكيد على أنها أفضل من قصة بليغ
قلت: ولكن كيف؟ لن يصدق أحد هذا
قال: اسمعني يا دكتور، لقد رشحت اسمك أمام الوزير لهذه المهمة، وهناك منصب المستشار الأول للشئون الثقافية بانتظارك إذا نجحنا
*******
فشلت تماما فى إتمام قراءة قصة حبيبتي في الشباك بقميص النوم أبو نص كم وشرابها الصوف البني مبلول بماء المطر المتنوح.. حيث مزقت النسخة العاشرة قبل أن أصل إلى الصفحة الثامنة
حسنا لا توجد مشكلة فهذا يعني أنه لا أحد يستطيع قراءة القصة وهذه نقطة جيدة
*******
في اليوم الموعود كانت القاعة مزدحمة بالحضور ومعظمهم من مدعى التعمق في الثقافة والأدب حيث يحرصون أشد الحرص على حضور هذه الندوات التي لا يفقهون خلالها شيئا مما يقال ولكنهم يحضرونها للتفاخر بأنهم من رواد الندوات الأدبية
في الصف الأول جلس وزير الثقافة ورئيس هيئة الكتاب كما جلس عجران في أقصى اليسار بينما جلس بليغ فى أقصى اليمين
بدأت محاضرتي حريصا على أن يكون صوتى عميقا بطيئا مع الضغط على ما تعمدت أن أملأ به المحاضرة من التراكيب اللغوية الغريبة والتي تلقى في روع الجهلة أنها من مفرزات الثقافة الرفيعة المستوى قائلا: إن القراءة الهدلاقة لهاتين الروايتين تضع أمامنا حقائق ترجرجية لا تخطئها عين المثقف المتفيهق السمياق
نظرتُ بطرف عيني إلى الحضور فوجدت معظمهم يهز رأسه مؤكدا على صحة الكلام الذي لا اعرف أنا شخصيا معناه
تابعتُ قائلا: ولكن للأسف فقصة الصراع تفتقد تماما للتلاقح الاحداثى بين الماضي والحاضر.. والغريب أن الكاتب لم ينتبه أن نقص التلاقح يقتضى بالتبعية زيادة جرعة التناطح النفسى للعناصر المتخذلمة للقصة، بينما نجد أن قصة حبيبتي في الشباك بقميص النوم أبو نص كم وشرابها الصوف البني مبلول بماء المطر المتنوح.. تظهر التحكم الكامل للكاتب فى هاتين الأداتين الأساسيتين
رفعت عيني إلى الحضور لأجد ابتسامة بلهاء غبية على وجه عجران وقد سال لعابه على قميصه، بينما هب بليغ من مقعده صائحا: أنا لم أسمع فى حياتى عن التناطح والتلاقح الاّ بين المواشي
صحت بغضب: ماذا؟ إن اتجاهات التلاقح والتناطح قد سادت القصة الحديثة منذ ظهرت فى كتابات الكاتب البورتوريكى الشهير مزيافارونامي.. وأيضا الكاتب البنجلاديشي كورداميانو وكل الأدباء التايونيين.. وهذه القصص لا تترجم إلى العربية للأسف لكنني واثق من أن معظم الحضور من المتابعين لقصص هؤلاء الكتاب ويعلمون جيدا أهمية التناطح والتلاقح
ارتفعت الأصوات مؤكدة صدق كلامي
*******
أسقط فى يد بليغ ولكنه قال بيأس: وهل قصة حبيبتي في الشباك بقميص النوم أبو نص كم وشرابها الصوف البني مبلول بماء المطر المتنوح تحتوي على التناطح والتلاقح؟
قلت: بالطبع.. التناطح يظهر فى ارتداء الحبيبة للجورب رغم أنها ترتدي قميص بنص كم.. لقد أبدع الكاتب هنا وترك الأسئلة تنطح القارئ حول السبب فى ارتداء الحبيبة شراب صوف بنى مع قميص النوم أبو نص كم، كما أن هذا يبين لنا عمق الصراع الديماجومى الذي تعيشه الحبيبة.. أما التلاقح فيظهر عندما تكون الحبيبة واقفة داخل بيتها ورغم ذلك شرابها مبلول مثل شراب حبيبها تماما.. فتلاقح الشرابات نتج من شدة التلاقح الروحي بين الحبيبين
صفق الوزير وتبعه الحضور بحرارة
غادرت القاعة وركبت سيارتي وقبل أن أنطلق لمحت بليغ مستندا إلى جدار القاعة والدموع في عينيه
أشحت بوجهي خجلا وتمتمت: أعذرني يا بليغ فالرياء أكسير البقاء